لا تزال الدّعوة الّتي أطلقها رئيس مجلس النّواب نبيه بري، إلى حوار لمدّة أقصاها سبعة أيّام في مجلس النواب، تتفاعل في الأروقة السّياسيّة الدّاخليّة. وأشارت صحيفة "الجمهوريّة"، إلى أنّها "أحدثت فرزاً واضحاً في الواقع السياسي، بين اكثرية تؤيّدها باعتبارها السبيل الوحيد المتبقّي لفتح الطريق الرئاسي والخروج من هذا الواقع المشوّه، وبين اقلية تعاكسها، كما بدا في مواقف بعض المكونات التي تسمّي نفسها سيادية".
ووصفتها مصادر قريبة من المبادرة، عبر "الجمهورية"، بأنّها "فئة مخاصمة للحوار تحكمها الشعبوية، شعارها الأول والأخير "عنزة ولو طارت"، آلت على نفسها الّا ان تنتهج مسار إجهاض كل فرص الإنقاذ، وإبقاء البلد في مستنقع التعطيل ووحل الصراعات والتناقضات السياسية. لا لشيء الّا للتعطيل وإبقاء الأزمة قائمة، اما ماذا يستفيدون من ذلك، فلا احد يعرف، وأكثر من نشك بانّهم يعرفون".
اقتراح بري غير منسق مع لودريان
في سياق متّصل، استهجنت مصادر برّي، في حديث إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، "مسارعة البعض للرد السلبي على المبادرة، قبل التدقيق بمضمونها، مشدّدةً على أن "المبادرة يدمج فيها بري بين مطالب الفرقاء، باعتبار أن هناك فريقاً يدعو للحوار، وآخر لجلسات مفتوحة لانتخاب رئيس". ولفتت إلى أنه "ما دام الجميع يعاني من الفراغ، فالتجاوب مع أسبوع من الحوار سيشكل فرصة للخروج من هذا المأزق".
وعما إذا كان هذا الطرح منسقاً مع الفرنسيين، ومع الموفد الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان الذي يفترض أن يزور بيروت هذا الشهر، لاستكمال جهوده الرامية لحل الأزمة الرئاسية اللبنانية، أوضحت المصادر أن "هذه خطوة تأتي في سياق جهود لودريان نفسها، لكنها غير منسقة معه. بري يتحمل مسؤولياته باعتباره رئيس البرلمان، لذلك يطرح الحلول والمبادرات".
بري قد يلجأ إلى فتح أيّام الحوار بِمَن حَضَر
من جهتها، ذكرت مصادر سياسية مطّلعة لصحيفة "الديار"، أنّ "تجديد برّي دعوته للحوار، يأتي انطلاقاً من كونه رئيس المجلس النيابي وقوّة فاعلة في هذا البلد، ومن دوره وواجبه الوطني والقانوني والدستوري النيابي والسياسي لانتخاب رئيس".
ورأت أنّ "من شأن دعوته هذه تحريك الجمود الحاصل في الملف الرئاسي، في حال جرت تلبيتها سريعاً من غالبية الكتل النيابية، في ظلّ انتظار عودة لودريان الى بيروت في النصف الثاني من أيلول الحالي على ما هو متوقّع (في 17 منه على الأرجح)، والحديث عن زيارة للموفد القطري في 20 منه".
وأكّدت المصادر أنّ "لدى برّي حالياً قناعة بأنّ لبنان لم يعد يحتمل المزيد من التأجيل. لهذا أتت الدعوة، وهو يعتبر أنّ الحوار هو المفتاح لحلّ الملف الرئاسي، وعلى الجميع تحمّل المسؤولية والموافقة على تلبية هذه الدعوة العامّة. أمّا في حال تمسّك بعض النوّاب برفضهم، فربّما قد يلجأ الى فتح أيّام الحوار التي حدّدها بسبعة في مجلس النوّاب، بِمَن حَضَر. ولا بدّ من أن يكون هناك آلية معيّنة لهذا الحوار، بعد اتضاح مواقف الكتل النيابية كافة منه".
واعتبرت أنّ "عدم ذكر برّي لمرشّح "الثنائي الشيعي" رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجية، خلال كلمته في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، كما عدم ذكره أيضاً من قبل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير، قد يُشكّل إشارة الى أنّ الحوار سيكون من دون شروط مسبقة، على ما كان يُطالب بعض المعارضين، أو على الأقلّ لا يذهب "الثنائي" إليه متمسّكاً أو واضعاً اسم فرنجية على الطاولة دون سواه".
كما أشارت الى أنّه "أمر مقصود ربّما لتسهيل التحاور والتفاهم في مجلس النوّاب بين جميع الكتل النيابية"، مشدّدًة على أن "لا علاقة لدعوة برّي بدعوة لودريان للتحاور، ولا تُلغي أي منهما الأخرى، ما دام الداخل والخارج يسعيان الى نتيجة واحدة وهو انتخاب رئيس جمهورية البلاد".
زيارة لودريان هذه المرة ستحمل مفاجأة؟!
على الصعيد الرّئاسي أيضًا، كشفت مصادر موثوق بها لـ"الديار"، أن "زيارة لودريان هذه المرة ستحمل مفاجأة، الا ان هذا الامر يتوقف على ما تريده الاحزاب المعارضة. كما سيتوجه لودريان عند وصوله الى بيروت باسئلة للمعارضة عن مرشحها الحقيقي، وعن مدى استعدادها لترشيحها قائد الجيش جوزاف عون".
بدورها، أوضحت مصادر رفيعة المستوى للصحيفة، أنّ "لودريان سيأتي هذه المرة متبنيا مقاربة اللجنة الخماسية للاستحقاق الرئاسي، حيث ان فرنسا اعادت النظر ببيان اللجنة، وبالتالي عدلت موقفها السياسي"، مبيّنةً أنّ "لودريان سيكون صريحا مع كل الأفرقاء، وسيرافق ذلك انفتاح الدول الخمس على مواقف الكتل الللبنانية".
محاولة "سيادية" لتوريط "نواب السُّنَّة"
في سياق متّصل، ذكرت صحيفة "الأخبار" أنّ "السياديين" ممن يُطلِقون على أنفسهم تسمية "قوى المعارضة"، يكثفون اتصالاتهم بقوى سياسية ونيابية وسطية، لاستمالتها في وجه "حزب الله". وتنصبّ مساعي هؤلاء على توسيع "جبهتهم" السياسية المكوّنة من 31 نائباً، غالبيتهم من المسيحيين، يتقدّمهم حزبا "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية"، إلى جانب عدد من النواب "المستقلّين"، في محاولة لضمّ شخصيات سُنية إلى هذه "الجبهة"، عشية عودة لودريان إلى بيروت، وعلى وقع الحوار بين الحزب و"التيار الوطني الحرّ"؛ ما وضع "المعارضة" في حالة ترقّب".
وأفادت بأنّ "في هذا السياق، عُقد الأربعاء الماضي، بطلبٍ من قوى "المعارضة"، لقاء نيابي في مكتب النائب نبيل بدر في بيروت، بين وفد من نواب "المعارضة" ووفد من نواب تكتّل "اللقاء النيابي المستقل"، ودار النقاش حول الاستحقاق الرئاسي والحراك الإقليمي ممثّلاً بـ"اللقاء الخماسي" وزيارة لودريان المرتقبة منتصف أيلول الجاري، إلى الموقف من تشريع الضرورة وعمل حكومة تصريف الأعمال".
ولفتت الصحيفة إلى أنّ "في محاولة لـ"كسر حيادية" النواب السُّنة العشرة الذين يشكّلون "اللقاء النيابي المستقل"، ركّز وفد المعارضة على ثوابت تجمعه والنواب "اللقاء"، كتطبيق اتفاق الطائف واحترام السيادة الوطنية والدستور والمطالبة بتطبيق المهل وتطبيق القرارات الدولية المرتبطة بلبنان، وضرورة توطيد علاقات لبنان بمحيطه العربي وتحديداً دول الخليج".